فصل: وفاة عبد الرحمن الأوسط وولاية ابنه محمد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة عبد الرحمن الأوسط وولاية ابنه محمد.

ثم توفي عبد الرحمن الأوسط بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين لإحدي وثلاثين سنة من إمارته وكان عالما بعلوم الشريعة والفلسفة وكانت أيامه أيام هدوء وسكون وكثرت الأموال عنده واتخذ القصور والمنتزهات وجلب إليها الماء وجعل له مصنعا اتخذه الناس شريعة وزاد في جامع قرطبة رواقين ومات قبل أن يستتمه فأتمه ابنه محمد بعده وبني بالأندلس جوامع كثيرة ورتب رسوم المملكة واحتجب عن العامة ولما مات ولي مكانه ابنه محمد فبعث لأول ولايته العساكر مع أخيه الحكم إلى قلعة رباح لإصلاح أسوارها وكان أهل طليطلة خربوها فرمها وأصلح حالها وتقدم إلى طليطلة فعاث في نواحها ثم بعث الجيوش مع موسى بن موسى صاحب تطيلة فعاث في نواحي ألبة والقلاع وفتح بعض حصونها ورجع وبعث عساكر أخرى إلى نواحي برشلونة وما وراءها فعاثوا فيها وفتحوا حصون برشلونة ورجعوا ثم سار محمد سنة أربعين في جيوشه إلى طليطلة فاستمدوا ملك جليقة وملك البشكنس فساروا لإنجادهم مع أهل طليطلة فلقيهم الأمير محمد على وادي سليط وقد أكمن لهم فأوقع بهم وبلغ عدة القتلى من أهل طليطلة والمشركين عشرين ألفا ثم سار إليهم سنة ثلاث وأربعين فأوقع بهم ثانية وأثخن فيهم وخرب ضياعهم فصالحوه ثم نكثوا وفي سنة خمس وأربعين ظهرت مراكب المجوس ونزلوا بأشبيلية والجزيرة وأحرقوا مسجدها ثم عادوا إلى تدمير ودخلوا قصر أريولة وساروا إلى سواحل الفرنجة وعاثوا فيها وانصرفوا فلقيهم مراكب الأمير محمد فقاتلوهم وغنموا منهم مركبين واستشهد جماعة من المسلمين ومضت مراكب المشركين إلى ينبلونة وأسروا صاحبها غرسيه وفدي نفسه منهم بسبعين ألف دينار وفي سنة سبع وأربعين حاصر طليطلة ثلاثين يوما ثم بعث الأمير محمد سنة إحدى وخمسين أخاه المنذر في العساكر إلى نواحي ألبة والقلاع فعاثوا فيها وجمع لزريق للقائهم فلقيهم وانهزم وأثخن المسلمون في المشركين بالقتل والأسر وكان فتحا لا كفاء له ثم غزا الأمير محمد بنفسه سنة إحدى وخمسين بلاد الجلالقة فأثخن وخرب وانتقض عليه عبد الرحمن بن مروان الجليقي فيمن معه من المولدين وساروا إلى التخم ووصل يده باذفونش ملك جليقة فسار إلى الوزير هاشم بن عبد الرحمن في عساكر الأندلس سنة ثلاث وستين فهزمه عبد الرحمن وحصل هاشم في أسره ثم وقعت المراودة في الصلح على أن ينزل عبد الرحمن بطليوس ويطلق الوزير هاشما فتم ذلك سنة خمس وستين ونزل عبد الرحمن بطليوس وكانت خربة فشيدها وأطلق هاشما بعد سنتين ونصف من أمره ثم تغير أذفونش لعبد الرحمن بن مروان وفارقه وخرج من دار الحرب بعد أن قاتله ونزل مدينة أنطانية بجهات ماردة وهي خراب فحصنها وملك ما إليها من بلاد أليون وغيرها من بلاد الجلالقة واستضافها إلى بطليوس وكان مظفر بن موسى بن ذي النون الهواري عاملا بشنت برية فانتقض وأغار على أهل طليطلة فخرجوا إليه في عشرين ألفا ولقيهم فهزمهم وانهزم معهم مطرف بن عبد الرحمن وقتل من أهل طليطلة خلق وكان مطرف بن موسى فردا في الشجاعة ومحلا من النسب ولقي شنجة صاحب ينبلونة أمير البشكنس فهزمه شنجة وأسره وفر من الأسر ورجع إلى شنت برية فلم يزل بها قويم الطاعة إلى أن مات آخر دولة الأمير محمد وفي سنة إحدى وستين انتقض أسد بن الحرث بن بديع بتاكرتا وهي رندة فبعث إليهم الأمير محمد العساكر وحاصروهم حتى استقاموا على الطاعة وفي سنة ئلاث وستين أغزى الأمير محمد ابنه المنذر إلى دار الحرب وجعل طريقه على ماردة وكان بها ابن مروان الجليقي ومرت طائفة من عسكر المنذر بماردة فخرج عليهم ابن مروان ومعه جمع من المشركين استظهر بهم فقتل تلك الطائفة عن آخرهم وفي سنة أربع وستين بعث ابنه المنذر ثانية إلى بلد ينبلونة ومر بسرقسطة فقاتل أهلها ثم تقدم إلى تطيلة وعاث في نواحيها وخرب بلاد بني موسى ثم مضى لوجهه إلى ينبلونة فدوخها ورجع وفي سنة ست وستين أمر الأمير محمد بإنشاء المراكب بنهر قرطبة ليدخل بها إلى البحر المحيط ويأتي جليقة من ورائها فلما تم إنشاؤها وجرت في البحر أصابها الريح وتقطعت فلم يسلم منها إلا القليل وفى سنة سبع وستين ومائتين انتقض عمر بن حفصون بحصن يشتر من جبال مالقة وزحف إليه عساكر تلك الناحية فهزمهم وقوى أمره وجاءت عساكر الأمير محمد فصالحهم ابن حفصون واستقام أمر الناحية وفي سنة ثمان وستين بعث الأمير محمد ابنه المنذر لقتال أهل الخلاف فقصد سرقسطة وحاصرها وعاث في نواحيها وفتح حصر ريطة ثم تقدم إلى دير بروجة وفيه محمد بن لب بن موسى ثم قصد مدينة لادرة وقرطاجنة ثم دخل دار الحرب وعاث في نواحي ألبة والقلاع وفتح منها حصونا ورجع وفي سنة سبعين سار هاشم بن عبد العزيز بالعساكر لحصار عمر بن حفصون بحصن يشتر واستنزله إلى قرطبة فأقام بها وفيها شرع إسماعيل بن موسى ببناء مدينة لاردة فجمع صاحب برشلونة لمنعه من ذلك وسار إليه فهزمه إسماعيل وقتل أكثر رجاله وفي سنة إحدى وسبعين سار هاشم بن عبد العزيز في العساكر إلى سرقسطة فحاصرها هاشم وافتتحها ونزلوا جميعا على حكمه وكان في عسكره عمر بن حفصون واستدعاه من الثغر وحضر معه هذه الغزاة فهرب ولحق بيشتر فامتنع به وسار هاشم إلى عبد الرحمن بن مروان الجليقي وحاصره بحصن منت مولن ثم رجع عنه فأغار ابن مروان على أشبيلية ولقبت ثم نزل منت شلوط فامتنع فيه وصالح عليه الأمير محمدا واستقام على طاعته إلى أن هلك الأمير محمد وكان ملك رومة والفرنجة لعهده اسمه فرلبيب بن لوزنيق.